يارب!

حب في الشام 1

لمعت في عينيها قصص وخيالات قديمة … عن الزعتر الحلبي الذي تصنعه عمته، وعن الأندومي والجبنة، بل عن أكثر أكلاته المفضلة “البطاطا المقلية”! مر من أمامها شريط حياتها، كيف مسح دموعها بيديه السمراوتين الحنونتين، وكيف شاركها أجمل أمنياتها وأحلامها، وعلمها كيف تطير من غصن إلى غصن بأحلامها، حدث أن ارتسم أمامها طريق جميل رسمه لها بألوانها المفضلة ومشيا معاً فيه. دار السلام وما حولها المكان الهادئ الذي تشعر بالمتعة فيه وتحب أن تجلس لتتذكر أيامهما معاً فيه ربما ﻷنه كان دار السلام الذي لطالما حلمت به.

كانا في كل يوم يهمسان لبعضهما معاناتهما، إنجازاتهما، ضحكاتهما، حزنهما، أصبح فجأة كل حياتها الأخ والصديق والناصح و… حتى حلت الكارثة يوماً ما وأصبح الحبيب.

تلونت حياتها بالبسمة والفرحة فأمنياتها كلها تجسدت فيه، وأمست تفكر فيه ليلاً نهاراً حتى جاء قراره بالبعد ﻷنه لا يريد الزواج. وفعلاً ابتعدا عن بعضهما ظناً منها أنه سيعود يوماً ما.

هي اليوم تستغفر في كل يوم، ﻷنها تظن أن البعد جاء نتيجة أخطائها السابقة، تفكر في كل ذنب اقترفته وتستغفر الله وتستسمحه وتدعوه، لم تيأس من دعوتها الصادقة، ولن تيأس من رحمة الله، فهي تذكر رحمته في كل أمر من الأمور، فكيف لا يرسل رحماته وهي ترجوه وهو الله الرحمن الرحيم؟! تعلم أن الصبر هو الحل، وأنه اختبار من الله، إذاً الصبر ولا شيء سوى الصبر والدعاء.

أنا حقاً لا أدري ما أقول عن هذا الأمل العجيب الذي يغزو قلبها وعقلها، حاولت مراراً أن أقنعها أنه غير مناسب وأنه لن يعود وأنه وأنه … ولكن عبثاً ! يبدو لي وضوحاً أنه مغرمة به، وقد فهمت لم كان الله يقرن الغرام بالعذاب، ولكن يجب علي أن أعترف أن لها رؤية غريبة في كل شيء ، فبالرغم من كل آلامها تخبرني أنها الآن أقرب لله تعالى، وربما اشتاق الله لصوت دعائها البريء، بل فاجئتني بعادات جديدة اكتسبتها لتقربها من الله!

جميل كيف جعلت من آلامها نافذة تناجي منها الله تعالى، وجميل كيف تدعوه بالقرب والوصال، وجميل كيف تناديه كل يوم وتخبره أسرارها، وتخبره أن الأمل الذي في قلبها لن يموت.

لم تنسه، بل بدلاً من أن تحزن وتندب حظها قالت يا رب!

 


أضف تعليق