القراءة عالم آخر … فاحذر منه!

أنهيت عام 2014 برواية كانت صديقتي مريم تقرأها، وكنت قد خططت منذ فترة أنني أريد قراءتها ولم أفعل، وهي ألواح ودُسر للدكتور أحمد خيري العمري، وفعلاً هممت بالقراءة وأنهيتها بنهم، كانت جميلة وغريبة بالوقت نفسه، فبالرغم من رداءة الرواية كأسلوب (فهي لا تحمل جمال ودقة عبارات باقي الروائيين) ولكن فيها من المعاني والإشارة إلى مشكلات الواقع ما يجعل الإنسان يشعر أنه في غفلة من أمره.

هنا استفاقت بعض المشاعر المخبئة، ومما زاد من إظهار هذه المشاعر كلمات صديقي على الفيسبوك “مالك اللحام”، مدونة مالك ثرية بالمعاني الجميلة باللغة السهلة الفصيحة القريبة من العامية، يحكي فيها مشاهداته وينشر نصائحه، يومها كان يتحدث عما أشعره به تماماً: السخط من الروايات الساذجة! فما نقرأه في هذه الروايات من القيم السيئة ما قد يجعلها سهلة على الجيل الناشئ وفيها من الخطورة ما نجهله.

بعد ذلك أشار إلي أحد الأصدقاء بعد أن سألته عن كتاب جيد أقرأ بكتاب “هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس”، الكتاب ما يقارب 400 صفحة، بدأت به عامي الجديد، فقد عزمت أن أكثر من القراءة في هذا العام -وسأذكر الأسباب لاحقاً- ، وبالرغم من أن عدد الصفحات عادي جداً إلا أنني وبعد مضي وقت طويل أنهيت 73 صفحة فقط! وهو أمر لم أعتده، فالكتاب على عكس باقي الكتب التي قرأتها كتاب يحتاج منك إلى ربط دقيق للأحداث، وإلى الاستنتاج والتذكر وربما تلخيص ما قرأت في ذهنك!

إذاً هناك الكتب الجيدة والكتب التي هي حقاً إضاعة للوقت على الرغم من شهرتها، ومن هذه الكتب سأتناول ثلاثاً في هذه التدوينة:

الزانية 

هي رواية شهيرة جداً بالرغم من حداثتها، للكاتب الشهير: باولو كويلو، حتى إن اسم الرواية تجاري بحت! ماذا تتوقع أن تقرأ في رواية تتحدث عن الخيانة؟ وهل هذا يعني أن الخيانة مبررة! الحقيقة أن سوء القيم التي تقدمها الرواية يجعلها بقائمتي السوداء مما لا يجب أن أقرأه، فأحداث الرواية كما تدل الآراء على أبجد وgoodreads أنها مكررة، وعندما قرأت عما تدور الأحداث، فهي رواية أخرى عن مسلسل “لو” الذي عرض رمضان الماضي. للأسف حطمت الرواية آمال القراء، وخصوصاً معجبي الكاتب.

فلتغفري

وهي الجزء الثاني من كتاب “أحببتك أكثر مما ينبغي” وهي قصة حب بين جمان وعزيز من وجهة نظر جمان، أما الكتاب الثاني “فلتغفري” فنفس القصة من وجهة نظر عزيز. (آخرون قالوا أن الأسماء هي جمانة وعبد العزيز).

الحقيقة الكتابان أسوء من بعضهما، حسب ما قرأت أجمع القراء أن أسلوب الكتابة رائع وفريد من نوعه بالوصف ودقة العبارات وجمالها، في الرواية الثانية كان مكرراً بشكل ممل جداً، وبتكرار للعبارات بشكل أساء للرواية، أما السوء فيهما فهو القصة نفسها وما تدور حوله الأحداث، الحب هو ذاك الأمر المقدس، كيف تدنسه هذه الروايات؟!!

وهنا يجب أن نأتي للعبرة من الكتابين … للأسف لا عبرة في أي منهما سوى إضاعة للوقت!

ساق البامبو

وهي من الروايات الشهيرة جداً في الوسط الذي حولي، مما جعلني أقرأ عنها وعن الآراء الموجودة حولها، والحقيقة أنه أعجبني الملخص عنها فهي كما كُتب تروي قصة الكاتب بأسماء مستعارة، وتلقي ضوءاً واسعاً على المجتمع الكويتي، بأخطائه ومظاهره، وحياته الاجتماعية. فعلاً تشوقت لقراءتها، وأتمنى أن أحصل عل ما أريده منها.

وأريد أن أعلق على روايات أحلام مستغانمي، فمن قرأ بعضها يجب أن يكون قد حفظ عباراتها المنمقة عن فنجان القهوة والظل الطويل، ومن يقرأ لبعض الروائيين الأجانب سيلاحظ أن قصصها مستوحاة جميعاً دون تغيير منهم! ما يجعل رواياتها بالنسبة لي مملة، أما عن القيمة التي تقدمها في كتبها الروائية فهي “لا شيء!”

من المزعج أحياناً أن يكون جميع ما نقرأه عن “حب” هو أصلاً ليس حباً، وعن الشرب والمجون والجنس والخيانة والسعادة المفقودة، وعن المخدرات وغيرها، فإن كانت القراءة ﻹغناء المفردات، فكثير من الذين حاولوا تعلم اللغة العربية، ذهبوا إلى القرآن الكريم لتعلمها،  وإن كانت للثقافة فأنا لا أرضى لي أو ﻷولادي أو لأي شخص أن يتثقف بهكذا ثقافة بعيدة عن السعادة الحقيقية وأقرب إلى القيم المنحطة، ولو قرأنا في التاريخ لعرفنا أن ما نعانيه اليوم من أزمات عانى منه أسلافنا وأجدادنا، بل لا يعد ما يحدث اليوم شيئاً مقارنة بما كان يحدث في ذاك الزمن، ومع ذلك أوجدوا الحلول، ونهضوا بخير أمة بين الأمم، فأين نحن الآن منهم؟ وماذا نعرف نحن عن الأجداد؟ تود القراءة؟ ربما عليك أن تبدأ من هنا!
أما إن كنت تبحث عن التسلية فالتسلية تعني الترويح عن النفس لا تدميرها بقيم سلبية في العقل اللاواعي الخاص بك.

رجائي الوحيد عندما تريد أن تقرأ رواية جديدة فقط فكر هل هي مناسبة؟ هل تستحق إضاعة وقتي عليها؟ أم أنها كنز ثمين وتستحق كل دقيقة؟ اقرأ الآراء المكتوبة عنها بأبجد وGoodReads، ولا أقصد أن تقرأ التعليقات كـ”أعجبتني”، “ممتعة”، “لاتستحق القراءة”، بل ابحث عن تلخيص جيد للرواية، ما تحمله من قيم ومعان، التحفة الفنية المقدمة بهذا الكتاب، العبرة منه، ثم قيمه في ميزانك “عقلك” هل هذا ما تريد قراءة تفاصيله؟؟ هل هذه القيم التي تريد أن تتعلمها؟؟

ولا تنس في النهاية أن تقدم رأيك عن الكتاب ليستفيد غيرك ^_^


3 آراء حول “القراءة عالم آخر … فاحذر منه!

  1. ما شاء الله عليك من جد تقدس وقتك
    عن نفسي انا لما اقرأ كتاب ما احب اقرا او استفسر عنه ابدا ، احسه يخرب المتعة
    يخرب متعة اني اقرا واكتشف بنفسي وايضا متعة اكتشاف الاحداث وايش الي رح يصير
    اجد متعة عظيمة لما انقي كتاب من نفسي ويعجبني بقوة واعتبره زي الكنز مش نفس لمن احد يقولي عنه او لما أقرأه للتقييم الي حصل عليه
    وكمان لما اقرا كتاب بالغ السوء صحيح انقهر بقوة اني قريته لكن هذا الي يخليني اقدر الكتب الجميلة اكثر
    وبالنسبة لكتاب ساق البامبو ججدا جميل واستمتعت وانا اقرأه ♥

  2. شكرا كلمات معبرة ..
    حقا علينا اقتناء واكتشاف الكتب المفيدة لا التي تدمر عقولنا وقيمنا ولكن مع الاسف فقلة الروايات المفيدة في مجتمعنا العربي هي التي اودت بنا( الشباب) الى الروايات الاجنبية..
    وهنا نلقي اللوم على كتابنا الاعزاء اين كتاباتكم التي يجب ان تلائم المجتمع والدين وتلبي متطلبات الشباب في قرآة الكتب فالشباب عندما يقرؤن اول مايلتجأون الى القصة والرواية لكن اين المفيدة والواعظة منها ؟؟!!

أضف تعليق